فصل: باب ما جاء في قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد **


 باب ما جاء في أبي ذر رضي الله عنه

15808- عن أبي ذر قال‏:‏ إني لأقربكم يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏إن أقربكم مني يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه، وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد تشبث منها بشيء غيري‏"‏‏.‏

رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أن عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر فيما أحسب والله أعلم‏.‏

ورواه الطبراني بنحوه‏.‏

15809- وعن ابن عباس قال‏:‏ قال أبو ذر‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏إن أحبكم إلي وأقربكم مني الذي يخلفني على العهد الذي فارقني عليه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف‏.‏

15810- قال الطبراني في أبي ذر‏:‏ هو جندب بن جنادة بن سفين بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان‏.‏

15811- وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال‏:‏ اسم أبي ذر جندب بن جنادة، ويقال‏:‏ اسم أبي ذر برير‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

15812- وعن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر‏:‏ ‏"‏يا برير‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في حديث اختصرناه وهو مرسل ورجاله ثقات‏.‏

15813- وعن جبير بن نفير قال‏:‏ كان أبو ذر يقول‏:‏ لقد رأيتني ربع الإسلام لم يسلم قبلي إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال رضي الله عنهما‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين وأحدهما متصل الإسناد ورجاله ثقات‏.‏

15814- وعن أبي ذر قال‏:‏ كان لي أخ يقال له‏:‏ أنيس، وكان شاعراً، فتنافر هو وشاعر آخر، فقال أنيس‏:‏ أنا أشعر منك، وقال الآخر‏:‏ أنا أشعر منك، فقال أنيس‏:‏ فبمن ترضى أن يكون بيننا‏؟‏ قال‏:‏ أرضى أن يكون بيننا كاهن مكة، قال‏:‏ نعم، فخرجا إلى مكة فاجتمعا عند الكاهن، فأنشده هذا كلامه وهذا كلامه، فقال لأنيس‏:‏ قضيت لنفسك، فكأنه فضل شعر أنيس‏.‏ فقال أخي‏:‏ بمكة رجل يزعم أنه نبي وهو على دينك‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ قلت لأبي ذر‏:‏ وما كان دينك‏؟‏ قال‏:‏ رغبت عن آلهة قومي التي كانوا يعبدون‏.‏

فقلت‏:‏ أي شيء كنت تعبد‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء، كنت أصلي من الليل حتى أسقط كأني خفاء حتى يوقظني حر الشمس‏.‏

فقيل له‏:‏ أين كنت توجه وجهك‏؟‏ قال‏:‏ حيث وجهني ربي‏.‏

قال لي أنيس‏:‏ وقد سئموه - يعني كرهوه - ‏.‏

قال أبو ذر‏:‏ فجئت حتى دخلت مكة، فكنت بين الكعبة وأستارها خمس عشرة ليلة ويوماً، أخرج كل ليلة فأشرب من ماء زمزم شربة، فما وجدت على كبدي سحفة جوع وقد تعكن بطني، فجعلت امرأتان تدعوان ليلة ألهتهما وتقول إحداهما‏:‏ يا أساف هب لي غلاماً، وتقول الأخرى‏:‏ يا نائلة هب لي كذا وكذا‏.‏ فقلت‏:‏ هن بهن فولتا وجعلتا تقولان‏:‏ الصابئ بين الكعبة وأستارها، إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يمشي وراءه فقالتا‏:‏ الصابئ بين الكعبة وأستارها، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام قبح ما قالتا‏.‏

قال أبو ذر‏:‏ فظننت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه فقلت‏:‏ السلام عليك يا رسول الله، فقال‏:‏ ‏"‏وعليك السلام ورحمة الله وبركاته‏"‏‏.‏ - ثلاثاً - ثم قال لي‏:‏ ‏"‏منذ كم أنت ههنا‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ منذ خمسة عشر يوماً وليلة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فمن أين كنت تأكل‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ كنت آتي زمزم كل ليلة نصف الليل فأشرب منها شربة، فما وجدت على كبدي سحفة جوع ولقد تعكن بطني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنها طعم وشرب، وهي مباركة‏"‏ - قالها ثلاثاً - ‏.‏ ثم سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ممن أنت‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ من غفار، قال‏:‏ وكانت غفار يقطعون على الحاج، فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبض عني فقال لأبي بكر‏:‏ ‏"‏انطلق يا أبا بكر‏"‏‏.‏ فانطلق بنا إلى منزل أبي بكر، فقرّب لنا زبيباً، فأكلنا منه، وأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الإسلام، وقرأت شيئاً من القرآن‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله إني أريد أن أظهر ديني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إني أخاف عليك أن تقتل‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ لا بد

منه سل رسول الله وإن قتلت‏.‏ فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقريش حلق يتحدثون في المسجد، فقلت‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فتنفضت الحلق، فقاموا إلي فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر وكانوا يرون أنهم قد قتلوني، فقمت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ما بي من الحال فقال‏:‏ ‏"‏ألم أنهك‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، حاجة كانت في نفسي فقضيتها، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي‏:‏ ‏"‏الحق بقومك، فإذا بلغك ظهوري فائتني‏"‏‏.‏ فجئت وقد أبطأت عليهم، فلقيت أنيساً فبكى وقال‏:‏ يا أخي ما كنت أراك إلا قد قتلت لما أبطأت علينا، ما صنعت‏؟‏ ألقيت صاحبك الذي طلبت‏؟‏ فقلت‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأسلم مكانه، ثم أتيت أمي فلما رأتني بكت وقالت‏:‏ يا بني أبطأت علينا حتى تخوفت أن قد قتلت، ما فعلت‏؟‏ ألقيت صاحبك الذي طلبت‏؟‏ قلت‏:‏ نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قالت‏:‏ فما صنع أنيس‏؟‏ قلت‏:‏ أسلم، فقالت‏:‏ وما بي عنكما رغبة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله‏.‏ فأقمت في قومي، فأسلم منهم ناس كثير حتى بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته‏.‏

قلت‏:‏ هو في الصحيح باختصار‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط‏.‏

15815- وفي رواية عنده أيضاً‏:‏ فاحتملت أمي وأختي حتى نزلنا بحضرة مكة، فقال أخي‏:‏ إني مدافع رجلاً على الماء بشعر - وكان امرأ شاعراً - فقلت‏:‏ لا تفعل، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته، وايم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي، قتقاضيا إلى خنساء فقضت لأخي على دريد وذلك أن دريداً خطبها إلى أبيها فقالت‏:‏

شيخ كبير لا حاجة لي فيه، فحقدت ذلك عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، فكانت لنا هجمة‏.‏

ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا، فإذا عليه رجالات قريش، وقد بلغني أن بها صابئاً أو مجنوناً أو شاعراً أو ساحراً، فقلت‏:‏ أين الذين يزعمون‏؟‏ فقالوا‏:‏ هو ذاك حيث ترى، فانقلبت إليه فوالله ما جزت عنهم قيس ‏(‏قَدْر‏)‏ حجر حتى أكبوا على كل حجر وعظم ومدر فضرجوني بالدم، فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء، وصمت فيه ثلاثين يوماً لا آكل ولا أشرب إلا ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء فأقبلت امرأتان من خزاعة فطافتا بالبيت‏.‏

قلت‏:‏ فذكر الحديث بنحو ما في الصحيح‏.‏

وفي الطريق الأولى أبو الطاهر يروي عن أبي يزيد المديني ولم أعرف أبا الطاهر‏.‏ وبقية رجالها رجال الصحيح‏.‏

وفي الرواية الثانية جماعة لم أعرفهم‏.‏

15816- وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر‏"‏‏.‏

رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه علي بن زيد وقد وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات‏.‏

15817- وعن عبد الرحمن بن غنم أنه زار أبا الدرداء بحمص، فمكث عنده

ليالي، فأمر بحماره فأوكف ‏(‏أسرج‏)‏ له، فقال أبو الدرداء‏:‏ لا أراني إلا متبعك، فأمر بحماره فأسرج، فسارا على حماريهما فلقيا رجلاً شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابية، فعرفهما الرجل ولم يعرفاه، فأخبرهما خبر الناس‏.‏

ثم إن الرجل قال‏:‏ وخبر آخر كرهت أن أخبركماه أراكما تكرهانه، فقال أبو الدرداء‏:‏ فلعل أبا ذر نفي‏!‏ قال‏:‏ نعم والله، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريباً من عشر مرات‏.‏ ثم قال أبو الدرداء‏:‏ ‏{‏ارتقبهم واصطبر‏}‏ كما قيل لأصحاب الناقة، اللهم إن كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه، اللهم إن اتهموه فإني لا أتهمه، اللهم وإن استغشوه فإني لا أستغشه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتمنه حين لا يأتمن أحداً، ويسر إليه حين لا يسر لأحد، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني بنحوه وزاد‏:‏ وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏من أحب أن ينظر إلى المسيح عيسى بن مريم إلى بره وصدقه وجده فلينظر إلى أبي ذر‏"‏‏.‏

والبزار باختصار ورجال أحمد وثقوا وفي بعضهم خلاف‏.‏

15818- وعن أبي الدرداء قال‏:‏ والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدني أبا ذر إذا حضر، ويفتقده إذا غاب‏.‏

رواه الطبراني وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط‏.‏

15819- وعن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن أبا ذر ليباري عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم في عبادته‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه إبراهيم العحري وهو ضعيف، وإبراهيم مع ضعفه لم يدرك ابن مسعود‏.‏

15820- وبسنده، عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم خلقاً وخلقاً، فلينظر إلى أبا ذر رضي الله عنه‏"‏‏.‏

15821- وعن أبي ذر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يا أبا ذر رأيت كأني وزنت بأربعين أنت فيهم فوزنتهم‏"‏‏.‏

رواه البزار ورجاله ثقات‏.‏

15822- وعن الحسين بن علي قال‏:‏ أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا محمد إن الله يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم‏:‏ علي بن أبي طالب وأبو ذر والمقداد بن الأسود‏.‏

رواه أبو يعلى وفيه النضر بن حميد وهو متروك‏.‏

15823- وعن أنس رفعه قال‏:‏

‏"‏الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار - أحسبه قال‏:‏ - وأبو ذر‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ رواه الترمذي غير ذكر أبي ذر‏.‏

رواه البزار وإسناده حسن‏.‏

15824- وعن أبي ذر قال‏:‏

ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً مما صبه جبريل وميكائيل عليهما السلام في صدره إلا صبه في صدري‏.‏ وما تركت شيئاً صبه في صدري إلا صببته في صدر مالك بن ضمرة‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم‏.‏

15825- وعن عبد الله بن خراش قال‏:‏ رأيت أبا ذر بالربذة في ظلة سوداء ومعه امرأة شحماء وهو جالس على قطعة جوالق، فقيل له‏:‏ يا أبا ذر إنك امرؤ لا يبقى لك ولد، فقال‏:‏ الحمد لله الذي يأخذهم في الفناء ويدخرهم في دار البقاء، فقالوا‏:‏ يا أبا ذر لو اتخذت امرأة غير هذه، فقال‏:‏ لأن أتزوج امرأة تضعني أحب إلي من امرأة ترفعني، قالوا له‏:‏ لو اتخذت بساطاً ألين من هذا‏!‏ فقال‏:‏ اللهم غفراً خذ مما خولت ما بدا لك‏.‏

رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف‏.‏

15826- وعن محمد بن سيرين قال‏:‏ بلغ الحارث - رجل كان بالشام من قريش - أن أبا ذر كان به عوز، فبعث إليه بثلاث مائة دينار، فقال‏:‏ ما وجد عبد الله من هو أهون عليه مني‏!‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏من سأل وله أربعون فقد ألحف‏"‏‏.‏ ولأبي ذر أربعون درهماً وأربعون شاة وماهنان‏.‏

قال أبو بكر بن عياش‏:‏ يعني خادمين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس وهو ثقة‏.‏

15827- وعن أبي شعبة قال‏:‏ جاء رجل إلى أبي ذر فعرض عليه نفقة، فقال

أبو ذر‏:‏ عندنا أعنز نحلبها، وحمر تنقلنا، ومحررة تخدمنا، وفضل عباءة عن كسوتنا، إني لأخاف أن أحاسب على الفضل‏.‏

رواه الطبراني، وأبو شعبة البكري لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

15828- وعن أبي الأسود الديلي قال‏:‏ رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت لأبي ذر شبيهاً‏.‏

رواه عبد الله‏.‏

15829- وعن إبراهيم - يعني ابن الأشتر - أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ فقالت‏:‏ أبكي أنه لا يد لي بنفسك وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، قال‏:‏ لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فكل من كان عليّ في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، لم يبق منهم غيري، وقد أصحبت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول، فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، قالت‏:‏ وأنى ذلك وقد انقطع الحاج، قال‏:‏ راقبي الطريق‏.‏

قال‏:‏ فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا‏:‏ ما لك‏؟‏ فقالت‏:‏ امرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجرون فيه، قالوا‏:‏ ومن هو‏؟‏ قالت‏:‏ أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في محورها يبتدرونه، فقال‏:‏ أبشروا فأنتم النفر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم حيث

ترون، ولو أن لي ثوباً من أثوابي يسع لأكفن فيه فأنشدكم بالله لا يكفني رجل منكم كان عريفاً أو أميراً أو بريداً فكل القوم قد نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال‏:‏ أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأحد ثوبي هذين الذين علي، قال‏:‏ أنت صاحبي‏.‏

رواه أحمد من طريقتين أحدهما هذه، والأخرى مختصرة عن إبراهيم بن الأشتر عن أم ذر، ورجال الطريق الأولى رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه باختصار‏.‏

15830- وعن محمد بن كعب أن ابن مسعود أقبل في ركب عمار، فمر بجنازة أبي ذر على ظهر الطريق، فنزل هو وأصحابه فواروه، وكان أبو ذر دخل مصر واختط بها داراً‏.‏

رواه الطبراني، ومحمد بن كعب لم يدرك أبا ذر، وابن إسحاق مدلس‏.‏

15831- وعن يزيد بن أبي حبيب وكان أبو ذر ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص‏.‏

رواه الطبراني وإسناده منقطع‏.‏

15832- وعن يحيى بن بكير قال‏:‏ مات أبو ذر بالربذة سنة ثنتين وثلاثين واسمه جندب بن جنادة‏.‏

وإسناده منقطع‏.‏

 باب ما جاء في سلمان الفارسي رضي الله عنه

15833- عن سلمان الفارسي قال‏:‏ كنت رجلاً فارسياً من أهل أصبهان من

‏[‏أهل‏]‏ قرية منها يقال لها‏:‏ جي، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار يوقدها لا أتركها تخبو ساعة‏.‏

قال‏:‏ فكانت لأبي ضعية عظيمة، قال‏:‏ فشغل في بنيان له يوماً فقال لي‏:‏ يا بني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضعيتي فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس بحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ماذا يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت‏:‏ هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم‏:‏ أين أصل هذا الدين‏؟‏ قالوا‏:‏ بالشام‏.‏ قال‏:‏ ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله كله، قال‏:‏ فلما جئته قال‏:‏ أي بني أين كنت‏؟‏ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت‏؟‏‏!‏ قلت‏:‏ يا أبتي مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس‏.‏ قال‏:‏ أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قال‏:‏ قلت‏:‏ كلا والله إنه لخير من ديننا، قال‏:‏ فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حسبني في بيته‏.‏

قال‏:‏ وبعثت إلى النصارى وقلت لهم‏:‏ إذا قدم عليهم من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فأقبل عليهم ركب الشام تجار من النصارى فأخبروني‏.‏ قال‏:‏ فقلت‏:‏ إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم‏.‏ قال‏:‏ فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم ألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى الشام، فلما قدمتها قلت‏:‏ من أفضل أهل هذا الدين‏؟‏ قالوا‏:‏ الأسقف في الكنيسة‏.‏ قال‏:‏ فجئته فقلت‏:‏ إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك في كنيستك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك، قال‏:‏ ادخل، فدخلت معه‏.‏ قال‏:‏ فكان رجل سوء، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا فيها شيئاً اكتنزه لنفسه ولم يعط المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق‏.‏ قال‏:‏ وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم‏:‏ إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جمعتم له منها أشياء جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئاً، قالوا‏:‏ وما علمك بذلك‏؟‏ قلت‏:‏ أنا أدلكم على كنزه، قالوا‏:‏ فدلنا عليه، قال‏:‏ فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً، فلما رأوها قالوا‏:‏ والله لا ندفنه أبداً، قال‏:‏ فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر فجعلوه بمكانه‏.‏

قال‏:‏ يقول سلمان‏:‏ قلما رأيت رجلاً يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه، ولا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلاً ونهاراً منه، قال‏:‏ فأحببته حباً لم أحبه من قبله، فأقمت معه زماناً، ثم حضرته الوفاة، فقلت

له‏:‏ يا فلان إني كنت معك وأحببتك حباً لم أحبه أحداً قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي‏؟‏ وما تأمرني‏؟‏ قال‏:‏ أي بني والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجل بالموصل، وهو فلان، فهو على ما كنت عليه فالحق به‏.‏

قال‏:‏ فلما مات وغيِّب لحقت بصاحب الموصل فقلت له‏:‏ يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على مثل أمره، قال‏:‏ فقال‏:‏ أقم عندي، فأقمت عنده فوجدته خير رجل، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له‏:‏ يا فلان إن فلاناً أوصاني إليك وقد أمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي‏؟‏ وما تأمرني‏؟‏ قال‏:‏ أي بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين‏.‏ فجئته فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبي، قال‏:‏ أقم عندي، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت‏:‏ يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي‏؟‏ وما تأمرني‏؟‏ قال‏:‏ أي بني والله ما أعلم أحداً بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فائته فإنه على مثل أمرنا‏.‏

قال‏:‏ فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري فقال‏:‏ أقم عندي، فأقمت مع رجل على أمر أصحابه وهديهم، واكتسبت حتى صارت لي بقيرات وغنيمة‏.‏ قال‏:‏ ثم نزل به أمر الله عز وجل‏.‏

قال‏:‏ فلما حضر قلت له‏:‏ يا فلان إني كنت مع فلان وأنه أوصى بي إلى فلان وأوصى إلى فلان وأوصى إلى فلان وأوصاني فلان إلى فلان إليك فإلى من توصي بي‏؟‏ وما تأمرني‏؟‏ قال‏:‏ يا بني والله ما أعلم أحداً على ما كنا عليه من الناس آمرك أن تأتيه، ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتي، بينهما نخل، به علامات لا تخفى‏:‏ يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل‏.‏

قال‏:‏ ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار، فقلت لهم‏:‏ تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقيراتي هذه وغنيمتي هذه‏؟‏ فقالوا‏:‏ نعم، فأعطيتموها فحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود، وكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة، فابتاعني منه فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، وبعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال‏:‏ فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن مجتمعون عند رجل قدم من مكة اليوم يزعم أنه نبي‏.‏ قال‏:‏ فلما سمعتها أخذتني العوراء ‏(‏برد الحمى‏)‏ حتى ظننت سأسقط على سيدي‏.‏ قال‏:‏ ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه‏:‏ ماذا تقول‏؟‏ ماذا

تقول‏؟‏ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال‏:‏ ما لك ولهذا‏؟‏ أقبل على عملك‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال‏.‏ وكان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه فقلت له‏:‏ إنه بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏"‏كلوا‏"‏‏.‏ وأمسك يده فلم يأكل، قال‏:‏ فقلت في نفسي‏:‏ هذه واحدة‏.‏

ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته فقلت‏:‏ إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال‏:‏ فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال‏:‏ فقلت في نفسي‏:‏ هذه اثنتان‏.‏

قال‏:‏ ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء قد وصف لي، قال‏:‏ فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم وعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تحول‏"‏‏.‏ فتحولت، فقصصت عليه حديثي - كما حدثتك يا ابن عباس - فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه‏.‏

وشغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد‏.‏

قال‏:‏ ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كاتب يا سلمان‏"‏‏.‏ فكاتبت صاحبي على ثلاث

مائة نخلة أحييها له بالعفير، وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏"‏أعينوا أخاكم‏"‏‏.‏ فأعانوني بالنخل، الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين ودية، والرجل بخمس عشرة ودية، والرجل بعشر، يعين الرجل بقدر ما عنده حتى إذا اجتمعت إلي ثلاث مائة ودية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اذهب يا سلمان فعفر لها فإذا فرغت فائتني فأكون أنا أضعها بيدي‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فعفرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها، فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي علي المال، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال‏:‏ ‏"‏ما فعل الفارسي المكاتب‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فدعيت له فقال‏:‏ ‏"‏خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏خذها فإن الله سيؤدي بها عنك‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم وعتقت، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد‏.‏

15834- وفي رواية عن سلمان قال‏:‏ لما قلت‏:‏ وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله‏؟‏ أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ثم قال‏:‏ ‏"‏خذها فأوفهم منها‏"‏‏.‏ ‏[‏فأخذتها فأوفيتهم‏]‏ حقهم كله أربعين أوقية‏.‏

رواه أحمد كله والطبراني في الكبير بنحوه بأسانيد، وإسناد الرواية الأولى عند أحمد والطبراني رجالها رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع‏.‏ ورجال الرواية الثانية انفرد بها أحمد ورجالها رجال الصحيح غير عمرو بن أبي قرة الكندي وهو ثقة ورواه البزار‏.‏

15835- عن سلمان قال‏:‏ كنت من أبناء أساورة فارس، قال‏:‏ فذكر الحديث‏.‏ قال‏:‏ فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى مررت على قوم من الأعراب فاستعبدوني فباعوني، حتى اشترتني امرأة فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم، وكان العيش عزيزاً، فقلت لها‏:‏ هبي لي يوماً، قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ فانطلقت فاحتطبت حطباً فبعته فصنعت طعاماً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ صدقة، فقال لأصحابه‏:‏ ‏"‏كلوا‏"‏‏.‏ ولم يأكل، فقلت‏:‏ هذه من علاماته‏.‏

ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث، فقلت لمولاتي‏:‏ هبي لي يوماً، قالت‏:‏ نعم، فانطلقت فاحتطبت حطباً فبعته بأكثر من ذلك، فصنعت طعاماً فأتيته به وهو جالس بين أصحابه فوضعته بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ هدية، فوضع يده وقال لأصحابه‏:‏ ‏"‏خذوا بسم الله‏"‏‏.‏

وقمت خلفه فوضع رداءه فإذا خاتم النبوة فقلت‏:‏ أشهد أنك رسول الله، فقال‏:‏ ‏"‏وما ذاك‏؟‏‏"‏‏.‏ فحدثته عن الرجل، فقلت له‏:‏ أيدخل الجنة يا رسول الله‏؟‏ فإنه حدثني أنك نبي، قال‏:‏ ‏"‏لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة‏"‏‏.‏

15836- وعن بريدة قال‏:‏ جاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب فوضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما هذا يا سلمان‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ صدقة عليك وعلى أصحابك، قال‏:‏ ‏"‏ارفعها فإنا لا نأكل الصدقة‏"‏‏.‏ فرفعها وجاءه من الغد بمثله فوضعه بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا يا سلمان‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فقال‏:‏ هذه هدية لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏"‏انشطوا‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فنظر إلى الخاتم الذي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به، وكان لليهود، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهماً

وعلى أن يغرس نخلاً يعمل فيها سلمان حتى تطعم، قال‏:‏ فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل إلا نخلة واحدة غرسها عمر، فحملت النخل من عامها ولم تحمل النخلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من غرس هذه‏؟‏‏"‏‏.‏ قال عمر‏:‏ أنا غرستها يا رسول الله، قال‏:‏ فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها، فحملت من عامها‏.‏

رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح‏.‏

15837- وعن سلمان الفارسي قال‏:‏ كنت رجلاً من أهل جي، وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق، وكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء، فقيل لي‏:‏ إن الدين الذي تطلب إنما هو بالمغرب، فخرجت حتى أتيت الموصل، فسألت عن أفضل رجل فيها فدللت على رجل في صومعة، فأتيته فقلت‏:‏ إني رجل من أهل جي وإني جئت أطلب العلم وأتعلم منك فضمني إليك أخدمك وأصحبك وتعلمني شيئاً مما علمك الله، قال‏:‏ نعم، فصحبته فأجرى علي مثل ما يجري عليه من الخل والزيت والحبوب، فلم أزل معه حتى نزل به الموت، فجلست عند رأسه أبكيه فقال‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ فقلت‏:‏ والله يبكني أني خرجت من بلادي أطلب العلم فرزقني الله عز وجل صحبتك فعلمتني وأحسنت صحبتي فنزل بك الموت فلا أدري أين أذهب‏؟‏ قال‏:‏ لي أخ بالجزيرة بمكان كذا وكذا، وهو على الحق فائته فأقرئه مني السلام وأخبره أني أوصيت بك إليه وأوصيك بصحبته‏.‏

قال‏:‏ فلما أن قبض الرجل خرجت حتى أتيت الرجل الذي وصف فأخبرته بالخبر وأقرأته السلام من صاحبه وأخبرته أنه هلك وأمرني بصحبته، فضمني إليه وأجرى علي كما كان يجري علي من الأجر، فصحبته ما شاء الله ونزل به الموت فلما أن نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي، فقال‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ قلت‏:‏

خرجت من بلادي أطلب الخير، فرزقني الله صحبة فلان فأحسن صحبتي وعلمني، فلما نزل به الموت أوصى بي إليك فضممتني فأحسنت صحبتي وعلمتني، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أتوجه‏؟‏ قال‏:‏ إن خالي على قرب الرومي، فهو على الحق فائته فأقرئه مني السلام واصحبه فإنه على الحق، فلما قبض الرجل خرجت حتى أتيته فأخبرته بخبري وبوصية الآخر قبله، قال‏:‏ فضمني إليه وأجرى علي كما كان يجري علي، فلما نزل به الموت جلست أبكي عند رأسه فقال‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ فقصصت قصتي فقلت له‏:‏ إن الله رزقني صحبتك فأحسنت صحبتي، وقد نزل بك الموت ولا أدري أين أتوجه‏؟‏ قال‏:‏ ما بقي أحد أعلمه على دين عيسى عليه السلام في الأرض، ولكن هذا أوان يخرج فيه نبي أو قد خرج بتهامة فائت على الطريق لا يمر بك أحد إلا سألته عنه، فإذا بلغك أنه خرج فأته فإنه النبي الذي بشر به عيسى عليه السلام وآية ذلك أن بين كتفيه خاتم النبوة وأنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة‏.‏

قال‏:‏ وكان لا يمر بي أحد إلا سألته عنه، فمر بي ناس من أهل مكة فسألتهم فقالوا‏:‏ نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي، فقلت لبعضهم‏:‏ هل لكم أن أكون عبداً لبعضكم على أن تحملوني عقبة وتطعموني من الخبز كسراً‏؟‏ فإذا بلغتم إلى بلادكم فإن شاء أن يبيع باع وإن شاء أن يستعبد فقال رجل منهم‏:‏ أنا، فصرت عبداً له حتى قدم مكة، فجعلني في بستان له مع حبشان كانوا فيه، فخرجت وسألت فلقيت امرأة من بلادي فسألتها فإذا أهل بيتها قد أسلموا وقالت‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في الحجر هو وأصحابه، إذ صاح عصفور بمكة، حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا‏.‏ فانطلقت إلى البستان، فكنت أختلف ليلتي فقال لي الحبشان‏:‏ ما لك‏؟‏ قلت‏:‏ أشتكي بطني، فقال‏:‏ وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني إذا ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ فلما كانت الساعة التي أخبرتني المرأة التي يجلس فيها هو وأصحابه خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو محتب وأصحابه حوله، فأتيته من ورائه فعرف النبي صلى الله عليه وسلم الذي أريد، فأرسل حبوته فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه فقلت‏:‏ الله أكبر هذه واحدة، ثم انصرفت، فلما كانت الليلة المقبلة لقطت تمراً جيداً ثم انطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ هدية، فأكل منها وقال للقوم‏:‏ ‏"‏كلوا‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فسألني عن أمري فأخبرته قال‏:‏ ‏"‏اذهب فاشتر نفسك‏"‏‏.‏ فانطلقت إلى صاحبي فقلت‏:‏ بعني نفسي، فقال‏:‏ نعم على أن تنبت لي مائة نخلة فإذا أنبت جئتني بوزن نواة من ذهب‏.‏ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اشتر نفسك بالذي سألك وائتني بدلو من ماء البئر التي كنت تسقي منها ذلك النخل‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سقيتها، فوالله لقد غرست مائة نخلة فما منها نخلة إلا نبتت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن النخل قد نبت، فأعطاني قطعة من ذهب، فانطلقت بها فوضعتها في كفة الميزان، ووضع في الجانب الآخر نواة، قال‏:‏ فوالله ما استعلت القطعة من الذهب من الأرض، قال‏:‏ وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأعتقني‏.‏

رواه الطبراني وفيه عبد الله بن عبد القدوس التميمي ضعفه أحمد والجمهور ووثقه ابن حبان وقال‏:‏ ربما أغرب، وبقية رجاله ثقات‏.‏

15838- وعن سلمان قال‏:‏ كنت رجلاً من أهل مدينة أصبهان، فبينا أنا إذ ألقى الله عز وجل في قلبي من خلق السماوات والأرض ‏[‏فانطلقت إلى رجل، لم يكن‏]‏ يكلم الناس يتحرج، فسألته‏:‏ أي الدين أفضل‏؟‏ فقال‏:‏ ما لك ولهذا الحديث‏؟‏ أتريد ديناً غير دينك‏؟‏ قلت‏:‏ لا ولكن أن أعلم من

خلق السماوات والأرض، وأي دين أفضل‏.‏ قال‏:‏ ما أعلم على هذا غير راهب بالموصل‏.‏

قال‏:‏ فذهبت إليه فكنت عنده، فإذا هو قد قتر عليه في الدينا، يصوم بالنهار ويقوم بالليل، فكنت أعبد كعبادته، فلبثت عنده ثلاث سنين ثم توفي فقلت‏:‏ إلى من توصي بي‏؟‏ فقال‏:‏ ما أعلم أحداً من أهل المشرق على ما أنا عليه فعليك براهب من وراء الجزيرة فأقرئه مني السلام‏.‏

قال‏:‏ فجئته فأقرأته السلام وأخبرته أنه قد توفي، فمكثت عنده أيضاً ثلاث سنين ثم توفي فقلت‏:‏ إلى من تأمرني أن أذهب‏؟‏ قال‏:‏ ما أعلم أحداً من أهل الأرض على ما أنا عليه غير راهب بعمورية شيخ كبير، وما أدري أتلحقه أم لا‏؟‏ فذهبت إليه فكنت عنده، فإذا رجل موسع عليه، فلما حضرته الوفاة قلت له‏:‏ أين تأمرني أن أذهب‏؟‏ قال‏:‏ ما أعلم أحداً من أهل الأرض على ما أنا عليه، ولكن إن أدركت زماناً تسمع برجل يخرج من بيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم وما أراك تدركه وقد كنت أرجو إن أدركني إن استطعت أن تكون معه فافعل، فإنه الدين، وأمارة ذلك ‏[‏أن‏]‏ قومه يقولون‏:‏ ساحر مجنون كاهن، وإنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وإن عند غضروف كتفه خاتم النبوة‏.‏ فبينا أنا كذلك أتى ركب من نحو المدينة فقيل‏:‏ من أنتم‏؟‏ فقالوا‏:‏ نحن من أهل المدينة ونحن قوم تجار نعيش بتجارتنا ولكنه قد خرج رجل من ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم فقدم علينا وقومه يقاتلونه وقد خشينا أن يحول بيننا وبين تجارتنا ولكنه قد ملك المدينة‏.‏ فقلت‏:‏ ما يقولون فيه‏؟‏ قال‏:‏ يقولون‏:‏ ساحر مجنون كاهن، فقلت‏:‏ هذه الإمارة، دلوني على صاحبكم‏.‏ فجئته فقلت‏:‏ تحملني إلى المدينة‏؟‏ فقال‏:‏ ما تعطيني‏؟‏ فقلت‏:‏ ما أجد شيئاً أعطيك غير أني عبد لك، فحملني فلما قدمت جعلني في نخله، فكنت أسقي كما يسقي البعير، حتى دبر

ظهري وصدري من ذلك ولا أجد أحداً يفقه كلامي، حتى جاءت عجوز فارسية تستقي فكلمتها ففقهت كلامي فقلت لها‏:‏ أين هذا الرجل الذي خرج‏؟‏ دليني عليه، قالت‏:‏ سيمر عليك بكرة، إذا صلى الصبح من أول النهار، فخرجت فجمعت تمراً، فلما أصبحت جئت ثم قربت إليه التمر فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا أصدقة أم هدية‏؟‏‏"‏‏.‏ فأشرت أنه صدقة، فقال‏:‏ ‏"‏انطلق إلى هؤلاء‏"‏‏.‏ وأصحابه عنده، فأكلوا ولم يأكل، فقلت‏:‏ هذه الإمارة‏.‏

فلما كان الغد جئت بتمر فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ هذه هدية، فأكل ودعا أصحابه فأكلوا، ثم رآني أتعرض لأرى الخاتم فعرف فألقى رداءه فأخذت أقبله وألتزمه فقال‏:‏ ‏"‏ما شأنك‏؟‏‏"‏‏.‏ فسألني فأخبرته فقال‏:‏ ‏"‏اشترطت لهم أنك عبد، فاشتر نفسك منهم‏"‏‏.‏ فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم على أن يحيي لهم ثلاث مائة نخلة وأربعين أوقية ذهب ثم هو حر‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اغرس‏"‏‏.‏ فغرس ‏"‏ثم انطلق فألق الدلو على البئر، ثم لا ترفعه حتى يرتفع فإنه إذا امتلأ ارتفع، ثم رش في أصولها‏"‏‏.‏ ففعل فنبت النخل أسرع النبات، فقال‏:‏ سبحان الله ما رأينا مثل هذا العبد، إن لهذا العبد لشأناً، فاجتمع الناس عليه، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم تبراً، فإذا فيه أربعون أوقية‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه‏.‏

15839- وعن سلامة العجلي قال‏:‏ جاء ابن أخت لي من البادية يقال له‏:‏ قدامة، فقال لي ابن أختي‏:‏ أحب أن ألقى سلمان فأسلم عليه، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفاً، فوجدناه على سرير يسف حوضاً، فسلمنا عليه، قلت‏:‏ يا أبا عبد الله هذا ابن أخت لي قدم من البادية فأحب أن

يسلم عليك، فقال‏:‏ وعليه السلام ورحمة الله، قلت‏:‏ يزعم أنه يحبك، قال‏:‏ أحبه الله‏.‏ قال‏:‏ فتحدثنا وقلنا له‏:‏ يا أبا عبد الله ألا تحدثنا عن أصلك وممن أنت‏؟‏ قال‏:‏ أما أصلي وممن أنا فأنا من رامهرمز، كنا قوماً مجوساً، فأتى رجل نصراني من أهل الجزيرة، وكان يمر بنا فينزل فينا، واتخذ فينا ديراً، وكنت في كتاب الفارسية، وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروباً ويبكي وقد ضربه أبواه، فقلت له يوماً‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ قال‏:‏ يضربني أبواي، قال‏:‏ ولم يضرباك‏؟‏ قال‏:‏ آتي ‏[‏صاحب‏]‏ هذا الدير فإذا علما ذلك ضرباني وأنت لو أتيته لسمعت منه حديثاً عجباً، قلت‏:‏ اذهب بي معك، فأتيناه فحدثنا عن بدء الخلق خلق السماوات والأرض وعن الجنة والنار‏.‏ قال‏:‏ فحدثنا حديثاً عجباً، قال‏:‏ وكنت أختلف إليه معه‏.‏ قال‏:‏ ففطن غلمان من الكتاب فجعلوا يجيئون معنا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا له‏:‏ يا هذا إنك قد جاورتنا فلم نر من جوارك إلا الحسن وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك وإنا نخاف أن تفتنهم علينا، اخرج عنا، قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال لذلك الغلام الذي يأتيه‏:‏ اذهب معي، قال‏:‏ لا أستطيع ذلك قد علمت سنة أبوي علي‏.‏ قلت‏:‏ لكني أخرج معك‏.‏ وكنت يتيماً لا أب لي‏.‏ فخرجت معه فأخذنا جبل رامهرمز، فجعلنا نمشي ونتوكل، ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي‏:‏ يا سلمان إن قوماً ههنا هم عباد أهل

الأرض وأنا أحب أن ألقاهم‏.‏ قال‏:‏ فجئناهم يوم الأحد وقد اجتمعوا، فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا له قالوا‏:‏ أين كانت غيبتك‏؟‏ قال‏:‏ كنت في إخوان لي من قبل فارس، فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال لي صاحبي‏:‏ قم يا سلمان انطلق‏.‏ فقلت‏:‏ دعني مع هؤلاء، قال‏:‏ إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء، يصومون من الأحد إلى الأحد ولا ينامون هذا الليل‏.‏ وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى إذا أمسينا قال الرجل الذي من أبناء الملوك‏:‏ ما هذا الغلام‏؟‏ يضيعوه ليأخذه رجل منكم‏.‏ قالوا‏:‏ خذه أنت، قالوا‏:‏ يا سلمان هذا خبز وهذا أدم، فكل إذا غربت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك ونم إذا كسلت، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذاك ولم ينظر إلي، فأخذني الغم تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد حتى كان الأحد، فانصرف إلي، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون‏.‏

قال‏:‏ وهم يجتمعون كل أحد، يفطرون فيه فيلقى بعضهم بعضاً فيسلم بعضهم علي ثم لا يلتفتون إلى مثله‏.‏ قال‏:‏ فرجعنا إلى منزلنا فقال لي مثل ما قال لي أول مرة‏:‏ هذا خبز وأدم، فكل منه إذا غربت وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك ونم إذا كسلت‏.‏ ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلي ولم يكلمني إلى الأحد الآخر، فأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار، ثم دخل في صلاته فقلت‏:‏ أصبر أحدين أو ثلاثة، فلما كان الأحد رجعنا إليهم فاجتمعوا فقال لهم‏:‏ إني أريد بيت المقدس، فقالوا له‏:‏ وما تريد إلى ذلك‏؟‏ قال‏:‏ لا عهد لي به، قالوا‏:‏ إنا نخاف أن يحدث به حدث فيليك غيرنا وكنا نحب أن نليك، قال‏:‏ لا عهد لي به، فلما سمعته يذكر ذاك فرحت، قلت‏:‏ نسافر نلقى الناس، فذهب عني الغم الذي كنت أجد‏.‏ فخرجنا أنا

وهو، وكان يصوم من الأحد إلى الأحد ويصلي الليل كله ويمشي النهار، فإذا نزلنا قام يصلي، فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهينا إلى بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل ‏[‏الناس‏]‏، قال‏:‏ أعطني، قال‏:‏ ما معي شيء، فدخلنا بيت المقدس، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به فقال لهم‏:‏ غلامي هذا فاستوصوا به، فانطلقوا بي فأطعموني خبزاً ولحماً، ودخل في صلاته فلم ينصرف إلي حتى كان يوم الأحد الآخر، ثم قال لي‏:‏ يا سلمان إني أريد أن أضع رأسي فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقطني، فوضع رأسه فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه مأواة ‏(‏شفقة ورقة‏)‏ له مما رأيت من اجتهاده ونصبه، فاستيقظ مذعوراً فقال‏:‏ يا سلمان ألم أكن قلت لك‏:‏ إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا ‏[‏فأيقظني‏]‏‏؟‏ قلت‏:‏ بلى وإنما منعني مأواة لك لما رأيت من دأبك، قال‏:‏ ويحك يا سلمان اعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية، قلت‏:‏ ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية‏؟‏ - كلمة ألقيت على لساني - قال‏:‏ نعم، يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإذا أدركته فاتبعه وصدقه، قلت‏:‏ وإن أمرني أن أدع دين النصرانية‏؟‏ قال‏:‏ نعم فإنه نبي لا يأمر إلا بحق ولا يقول إلا حقاً، والله لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها‏.‏

ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له‏:‏ دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فأعطني، فالتفت فلم ير حوله أحداً، قال‏:‏ فأعطني يدك، قال‏:‏ فناوله يده فقال‏:‏ قم بإذن الله صحيحاً سوياً، فتوجه نحو بيته فأتبعته بصري تعجباً مما رأيت، وخرج صاحبي وأسرع المشي وتلقاني رفقة من كلب أعراب، فسبوني فحملوني على بعير

وشدوني وثاقاً، فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة، فاشتراني رجل من الأنصار فجعلني في حائط له من نخل، فكنت فيه‏.‏

قال‏:‏ ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصا بدرهم وأعمله فأبيعه بدرهمين فأردهما إلى الخوص وأستنفق درهما أحب أن آكل من عمل يدي، وهو يومئذ على عشرين ألفاً‏.‏

فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلاً خرج بمكة يزعم أن الله عز وجل أرسله، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث فهاجر إلينا وقدم علينا فقلت‏:‏ والله لأجربنه، فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم ثم طبخته، فجعلت قصعة من ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذه‏؟‏ صدقة أم هدية‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ بل صدقة، قال لأصحابه‏:‏ ‏"‏كلوا بسم الله‏"‏‏.‏ وأمسك ولم يأكل‏.‏ فمكثت أياماً ثم اشتريت أيضاً بدرهم لحم جزور فأضع مثلها واحتملتها حتى أتيته بها فوضعها بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذه‏؟‏ هدية أم صدقة‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ لا بل هدية، قال لأصحابه‏:‏ ‏"‏كلوا بسم الله‏"‏‏.‏ وأكل معهم، قلت‏:‏ هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فنظرت فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة، فأسلمت ثم قلت له ذات ‏[‏يوم‏]‏‏:‏ يا رسول الله أي قوم النصارى‏؟‏ قال‏:‏ لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم‏"‏‏.‏ قلت في نفسي‏:‏ فأنا والله أحبهم، وذلك حين بعث السرايا وجرد السيف، فسرية تدخل وسرية تخرج والسيف يقطر فقلت‏:‏ تحدث الآن إني أحبهم فيبعث إلي فيضرب عنقي، فقعدت في البيت، فجاءني الرسول ذات يوم فقال‏:‏ يا سلمان أجب، قلت‏:‏ من‏؟‏ قال‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت‏:‏ والله هذا الذي كنت أحذر، قلت‏:‏ نعم اذهب حتى ألحقك، قال‏:‏ لا والله حتى تجيء، وأنا أحدث نفسي أن لو

ذهب أن أفر‏.‏ فانطلق بي فانتهيت إليه فلما رآني تبسم وقال لي‏:‏ ‏"‏يا سلمان أبشر فقد فرج الله عنك‏"‏‏.‏ ثم تلا هؤلاء الآيات‏:‏ ‏{‏الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون‏.‏ وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين‏.‏ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون‏.‏ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين‏}‏‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبياً لقد سمعته يقول‏:‏ لو أدركته فأمرني أن أدخل النار لوقعتها، إنه نبي لا يقول إلا حقاً ولا يأمر إلا بحق‏.‏

15840- وفي رواية مختصرة‏:‏ قال‏:‏ فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا‏}‏ حتى بلغ‏:‏ ‏{‏تفيض من الدمع‏}‏‏.‏ فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏يا سلمان إن أصحابك هؤلاء الذين ذكر الله‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير سلامة العجلي وقد وثقه ابن حبان‏.‏

15841- وعن أم الدرداء قالت‏:‏ أتاني سلمان الفارسي يسلم علي وعليه عباءة قطوانية مرتدياً بها، فطرحت وسادة فلم يردها، ولف عباءته فجلس عليها فقال‏:‏ بحسبك ما بلغك المحل، ثم حمد الله ساعة وكبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏ أين صاحبك - يعني أبا الدرداء - ‏؟‏ قلت‏:‏ هو في المسجد، فانطلق إليه ثم أقبلا جميعاً وقد اشترى أبو الدرداء لحماً بدرهم فهو في يده معلقة فقال‏:‏ يا أم الدرداء اخبزي واطبخي، ففعلنا ثم أتينا سلمان بالطعام فقال أبو الدرداء‏:‏ كل مع أم الدرداء فإني صائم، قال سلمان‏:‏ لا آكل حتى تأكل، فأفطر أبو الدرداء وأكل معه، فلما كانت الساعة التي

يقوم فيها أبو الدرداء ذهب ليقوم أجلسه سلمان، فقال أبو الدرداء‏:‏ أتنهاني عن عبادة ربي‏؟‏ فقال سلمان‏:‏ إن لعينك عليك نصيبا، وإن لأهلك عليك نصيباً‏.‏ فمنعه حتى إذا كان في وجه الصبح قاما فركعا ركعات ثم أوترا ثم خرجا إلى صلاة الصبح، فذكرا أمرهما للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏ما لسلمان ثكلته أمه‏؟‏ لقد أشبع من العلم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسن بن جبلة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

15842- وعن أبي أمامة قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص ببصره إلى السماء، قلنا‏:‏ يا رسول الله ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏رأيت ملكاً عرج بعمل سلمان‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه عبد النور بن عبد الله المسمعي وهو كذاب‏.‏

15843- وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين‏:‏ علي وعمار وسلمان‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ له عند الترمذي‏:‏ ‏"‏إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبي ربيعة الأيادي وقد حسن الترمذي حديثه‏.‏

15844- وعن بقيرة امرأة سلمان قالت‏:‏ لما حضر سلمان الموت دعاني وهو في علية لها أربعة أبواب فقال‏:‏ افتحي يا بقيرة هذه الأبواب فأرى اليوم رواداً لا أدري من أي هذه الأبواب يدخلون علي‏.‏

ثم دعا بمسك له ثم قال‏:‏ أديفيه ‏(‏اخلطيه بماء‏)‏ في تور ‏(‏إناء‏)‏ ففعلت، ثم قال‏:‏ انضحي ‏(‏رشي‏)‏ حول فراشي ثم انزلي فامكثي فسوف تظلمين فترين على فراشي، فاطلعت فإذا هو قد أخذ روحه مكانه على فراشه أو نحو هذا‏.‏

رواه الطبراني من طريق الجزل عن بقيرة ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب مناقب عبد الله بن أنيس رضي الله عنه

تقدم في المغازي في سرية إلى خالد بن سفيان‏.‏ رواه أحمد وغيره‏.‏

 باب في أبي الهيثم رضي الله عنه

15845- عن ابن شهاب في تسمية من شهد العقبة من الأنصار‏:‏ أبو الهيثم، وهو نقيب‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً وإسناده حسن‏.‏ قلت‏:‏ وقد تقدم حديث شهوده بدراً في غزوة بدر‏.‏

15846- وعن يحيى بن بكير قال‏:‏ توفي أبو الهيثم بن التيهان سنة عشرين، واسمه مالك‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

 باب ما جاء في زيد بن ثابت رضي الله عنه

15847- عن زيد بن ثابت قال‏:‏

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن إحدى عشر سنة‏.‏

رواه الطبراني وإسناده حسن‏.‏

15848- وعن زيد بن ثابت قال‏:‏ أجازني رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏يوم الخندق‏]‏ وكساني قبطية‏.‏

رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد وهو ضعيف‏.‏

15849- وعن مصعب بن سعد قال‏:‏ قال عثمان - يعني ابن عفان - ‏:‏ ادعوا لي زيد بن ثابت كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسماعيل بن عبد بن أبي كريمة وهو ثقة‏.‏

15850- وعن مصعب بن سعد قال‏:‏ قال عثمان‏:‏ أي الناس أَكتَبُ‏؟‏ قالوا‏:‏ زيد بن ثابت‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

15851- وعن الشعبي أن زيد بن ثابت كبر على أمه أربعاً، ثم أتى بدابته فأخذ له ابن عباس بالركاب فقال له زيد‏:‏ دعه أو ذره، فقال ابن عباس‏:‏ هكذا نفعل بالعلماء الكبراء‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير رزين الرماني وهو ثقة‏.‏

15852- وعن يحيى بن سعيد قال‏:‏ قال أبو هريرة حين مات زيد بن ثابت‏:‏ اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن يحيى بن سعيد الأنصاري لم يسمع من أبي هريرة‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدم في ذهاب العلم كلام لابن عباس حين مات زيد بن ثابت‏.‏

15853- وعن يحيى بن بكير قال‏:‏ توفي زيد بن ثابت سنة خمس وأربعين، وسنه ست وخمسون‏.‏ ومن الناس من يقول‏:‏ مات سنة ثمان وأربعين وسنه تسع وخمسون لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة والخندق في شوال سنة أربع وقد اختلف في وفاته‏.‏

رواه الطبراني وإسناده منقطع‏.‏

 باب ما جاء في قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه

15854- عن أنس قال‏:‏ كانت منزلة قيس بن سعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة صاحب الشرطة من الأمير‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

15855- وعن أنس قال‏:‏ لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة كان قيس بن سعد في مقدمته بين يديه بمنزلة صاحب الشرطة، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم في قيس أن يصرفه عن الموضع الذي وضعه به مخافة أن يتقدم على شيء فصرفه عن ذلك‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب ما جاء في رافع بن خديج رضي الله عنه

15856- عن امرأة رافع بن خديج أن رافعاً رمي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أو يوم خيبر - شك عمرو - بسهم في ثندوته ‏(‏ثديه‏)‏ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله انزع السهم، فقال‏:‏ ‏"‏يا رافع إن شئت نزعت السهم والقطبة جميعاً، وإن شئت نزعت السهم وتركت القطبة وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم السهم وترك القطبة، فعاش بها حتى كان في خلافة معاوية فانتفض به الجرح فمات بعد العصر، فأتى ابن عمر فقيل له‏:‏ يا أبا عبد الرحمن مات رافع، فترحم عليه وقال‏:‏ إن مثل رافع لا يخرج به حتى يؤذن من حول المدينة من أهل القرى، فلما خرجنا بجنازته نصلي عليه جاء ابن عمر حتى جلس على رأس القبر‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني وامرأة رافع إن كانت صحابية وإلا فإني لم أعرفها، وبقية رجاله ثقات‏.‏

15857- وعن يحيى بن بكير قال‏:‏ توفي رافع بن خديج سنة ثلاث وسبعين بالمدينة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

15858- وعن الواقدي قال‏:‏ وفيها مات رافع بن خديج في أول السنة، وحضر ابن عمر رحمه الله جنازته‏.‏ - يعني سنة ثلاث وسبعين - ‏.‏ وكان لرافع يوم مات ست وثمانون سنة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

15859- وعن محمد بن عبد الله بن نمير قال‏:‏ مات رافع بن خديج في سنة أربع وسبعين في أولها‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

 باب ما جاء في عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

15860- عن ميمون بن مهران قال‏:‏ سمعت ابن عمر يقول‏:‏ لقد رأيتنا بفج الروحاء في غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصر بي ودعا لي بدعوات ما يسرني بها الدنيا وما فيها‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه موسى بن عمر بن عمرو بن ميمون بن مهران ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

15861- وعن مجاهد قال‏:‏ شهد ابن عمر رحمه الله الفتح وهو ابن عشرين ومعه فرس حرون ورمح ثقيل، فذهب ابن عمر يختلي لفرسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن عبد الله رجل صالح‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهداً أرسله‏.‏

15862- وعن إسحاق بن عبد الله الطفاوي قال‏:‏ كان ابن عمر لا يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بكى‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وإسحاق الطفاوي لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا‏.‏

15863- وعن نافع عن ابن عمر أنه كان يحيي الليل صلاة ثم يقول‏:‏ يا نافع أسحرنا‏؟‏ فيقول‏:‏ لا، فيعاود

الصلاة، ثم يقول‏:‏ يا نافع أسحرنا‏؟‏ فأقول‏:‏ نعم، فيقعد فيستغفر ويدعو حتى يصبح‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أسد بن موسى وهو ثقة‏.‏

15864- وعن نافع قال‏:‏ إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس ثلاثين ألفاً، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل فيه مزعة ‏(‏قطعة‏)‏ لحم‏.‏

قال برد‏:‏ قلت لنافع‏:‏ هل كان يأكل اللحم‏؟‏ قال‏:‏ كان إذا صام أو سافر فإنه أكثر طعامه‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير برد بن سنان وهو ثقة‏.‏

15865- وعن نافع أن ابن عمر اشتكى فاشترى له عنقود عنب بدرهم، فجاء مسكين فقال‏:‏ أعطوه إياه، ثم خالف إنسان فاشتراه بدرهم، ثم جاء به إليه فجاء المسكين يسأل فقال‏:‏ أعطوه إياه، ثم خالف إنسان فاشتراه منه بدرهم فأراد أن يرجع حتى منع ولو علم بذلك العنقود ما ذاقه‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير نعيم بن حماد وهو ثقة‏.‏

15866- وعن زيد بن أسلم قال‏:‏ مر ابن عمر براعي غنم فقال‏:‏ يا راعي الغنم هل من جزرة‏؟‏ قال‏:‏ ما ههنا ربها‏.‏ قال‏:‏ تقول أكلها الذئب، فرفع الراعي رأسه إلى السماء ثم قال‏:‏ فأين الله‏؟‏ فقال ابن عمر‏:‏ فأنا والله أحق أن أقول‏:‏ فأين الله‏.‏ فاشترى ابن عمر الراعي واشترى الغنم فأعتقه وأعطاه الغنم‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن الحارث الحاطبي وهو ثقة‏.‏

15867- وعن المطعم بن مقدام الصنعاني قال‏:‏ كتب الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن عمر أنه‏:‏ بلغني أنك تطلب الخلافة لا تصلح لعيي ولا بخيل ولا غيور‏.‏

فكتب إليه ابن عمر‏:‏ أما ما ذكرت من أمر الخلافة أني أطلبها، فما طلبتها وما هي من بالي‏.‏

وأما ما ذكرت من أمر العي والبخل والغيرة فإن من جمع كتاب الله فليس بعيي ومن أدى زكاة ماله فليس ببخيل‏.‏ وأما ما ذكرت من الغيرة فإن أحق ما غرت فيه ولدي أن يشركني فيه غيري‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن مرسل المطعم لم يسمع من ابن عمر‏.‏

15868- وعن مالك قال‏:‏ أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تفد عليه وفود الناس‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل‏.‏

15869- وعن نافع قال‏:‏ جاء رجل إلى ابن عمر فقال‏:‏ ما يمنعك من هذا الأمر وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين‏؟‏ قال‏:‏ يمنعني منه أن الله عز وجل حرم علي دم أخي المسلم‏.‏

رواه الطبراني وفيه جعفر بن الحارث أبو الأشهب وهو ضعيف‏.‏

15870- وعن مكحول قال‏:‏ بينا أنا مع ابن عمر وهو يمشي إذ مر به رجل أسود معه رمح، فوضع زج

الرمح بين السبابة والإبهام من قدم ابن عمر، فحمل الشيخ، فأدخل فورمت ساقه، فأتاه الحجاج يعوده فقال‏:‏ يا أبا عبد الرحمن من أصابك بهذا حتى آخذ لك منه‏؟‏ قال‏:‏ الله، ليأخذن منه الله، ليأخذن منه‏.‏ قال‏:‏ ما بال حرم الله وأمنه يحمل فيه السلاح‏؟‏‏!‏

قلت‏:‏ في الصحيح بعضه‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين ورجال هذا ثقات‏.‏

15871- وعن يحيى بن بكير قال‏:‏ توفي عبد الله بن عمر ويكنى أبا عبد الرحمن بمكة بعد الحج، ودفن بالمحصب‏.‏ وبعض الناس يقولون‏:‏ بفخ، وسنه حين أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق في القتال وهو ابن خمس عشرة وكان الخندق في شوال سنة أربع، فسنه يوم توفي أربع وثمانون سنة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

15872- وعن مالك بن أنس قال‏:‏ سن ابن عمر يوم مات أربع وثمانون سنة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

15873- وعن الواقدي قال‏:‏ مات ابن عمر رضي الله عنهما سنة أربع وسبعين ودفن بفخ، وهو ابن أربع وثمانين‏.‏ رواه الطبراني‏.‏